الثلاثاء، 2 يوليو 2013

القوات المسلحة تمهل مرسي 48 ساعة لتقاسم السلطة


 القوات المسلحة تمهل مرسي 48 ساعة لتقاسم السلطة
القاهرة (رويترز) - وجهت القوات المسلحة المصرية يوم الاثنين إنذارا فعليا إلى الرئيس الإسلامي محمد مرسي لتقاسم السلطة إذ أمهلت القوى السياسية 48 ساعة للاتفاق على خارطة طريق لمستقبل البلاد وإلا تقدمت هي بخارطة من عندها.
وقال بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة أذاعه التلفزيون الحكومي إن البلاد في خطر بعدما خرج ملايين المصريين إلى الشوارع أمس الأحد للمطالبة بتنحي مرسي وتعرض مقر جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة للحرق والنهب.
ومنذ الإطاحة بحسني مبارك قبل نحو عامين ونصف وقت اندلاع ثورات الربيع العربي ظلت أكبر الدول العربية سكانا في حالة اضطراب مما أثار قلق حلفائها في الغرب وقلق إسرائيل التي وقعت معها مصر معاهدة سلام عام 1979.
واستاء مؤيدو مرسي من البيان. وقال ياسر حمزة العضو القيادي في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين "انتهى عصر الانقلابات العسكرية."
لكن البيان قوبل بابتهاج قادة الليبراليين وحشود في ميدان التحرير هللت حين حلقت طائرات هليكوبتر حربية يتدلى منها علم مصر. وجاء تحليق الطائرات قبيل الغروب تعبيرا قويا عن رغبة الجيش في أن يبدو متجاوبا مع الشعب.
وقال الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي والقائد العام للقوات المسلحة في البيان "إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزاما عليها (القوات المسلحة)... أن تعلن عن خارطة مستقبل." وتلت إذاعة البيان أغنية وطنية.
وأضاف أن الشعب عبر عن إرادته بوضوح لم يسبق له مثيل في المظاهرات الحاشدة ولن يؤدي ضياع المزيد من الوقت سوى لزيادة خطر الانقسام والعنف.
وقال الجيش إنه سيشرف على تنفيذ خارطة الطريق "بمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب الذى كان ولا يزال مفجرا لثورته المجيدة." لكنه لن يكون له شأن مباشر بالسياسة أو الحكم.
وقال مكتب مرسي في وقت لاحق إن الرئيس التقى مع السيسي ورئيس الوزراء هشام قنديل ونشر صورة لهم وهم جالسون معا ويبتسمون ولكنه لم يعقب على بيان الجيش.
وهتف المتظاهرون المناوئون لمرسي خارج القصر الرئاسي مرحبين ببيان الجيش وأشادت به جبهة الإنقاذ الوطني التي تمثل ائتلافا لأحزاب معارضة والتي طالبت بحكومة وحدة وطنية لشهور.
وللجيش مكانة كبيرة في نفوس المصريين خاصة بعد أن ساعد في الإطاحة بمبارك.
وفي ميدان التحرير بوسط القاهرة احتفل الآلاف ببيان الجيش. وقال المحاسب محمد إبراهيم البالغ من العمر 50 عاما "نريد أن يحكم مجلس جديد للقوات المسلحة حتى إجراء انتخابات جديدة." وأضاف "الجيش وحده يدعم إرادة الشرعية الثورية للشعب."
وقال عمرو موسى وهو سياسي ليبرالي كان وزيرا للخارجية قبل أكثر من عشر سنوات وخاض انتخابات الرئاسة العام الماضي إن مهلة الجيش للسياسيين للاستجابة لمطالب الشعب فرصة تاريخية يجب ألا تضيع.
وكانت تلك هي المرة الثانية خلال أسبوع التي يصدر فيها الجيش تحذيرا رسميا للسياسيين مما يزيد الضغط على مرسي للتوصل الى تقاسم للسلطة مع المعارضة الليبرالية والعلمانية واليسارية.
وقال محللون إن تدخل الجيش يمكن أن يخدم مرسي إذا رغب في التسوية لكن الإجراء يمكن أن يعطي خصومه حافزا للتشدد في مطالبهم مستشعرين الدعم من الشارع والجيش بما قد يؤدي إلى انقلاب.
وقال ياسر الشيمي من المجموعة الدولية لمواجهة الأزمات "التحذير يحمل ظل انقلاب محتمل."
وأضاف "ما لا يجعله انقلابا أنه يعطي وقتا للسياسيين لتسوية خلافاتهم."
وقال ثاني أكبر حزب إسلامي في مصر وهو حزب النور السلفي إنه يخشى من عودة حكم الجيش "بشكل كبير" وحث مرسي على التوصل إلى تسوية مع معارضيه.
ولعب الجيش دورا مهما في السياسة المصرية منذ أطاح ضباط منه بالملك فاروق عام 1952.
وبعد تدمير مقارها قالت جماعة الاخوان المسلمين التي عملت سرا حتى الإطاحة بحسني مبارك في انتفاضة شعبية عام 2011 إنها تدرس أفضل الطرق للدفاع عن نفسها.
وكانت المظاهرات الحاشدة يوم الأحد أكبر احتجاجات منذ انتفاضات الربيع العربي. وعادت حشود كبيرة إلى ميدان التحرير وبعض نقاط التجمع الأخرى بحلول مساء يوم الاثنين.
وتجمع مؤيدو مرسي قرب مسجد رابعة العدوية في القاهرة والذي صار بؤرة لتجمعهم على مدى الأيام العشرة الماضية. وشعر البعض بالمرارة من مفارقة احتضان الزعماء الليبراليين للجيش.
وقال حسن الشربيني "اعتقد العالم دائما أننا نحن الإسلاميين لا نؤمن بالديمقراطية... والآن يعلم الإسلاميون الديمقراطية للمصريين بينما يتخلى عنها الليبراليون."
وأضاف "أين رد فعل العالم على ذلك كله؟"
واستقال خمسة وزراء من غير الإخوان المسلمين تعاطفا فيما يبدو مع المحتجين الأمر الذي يبرز عزلة حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان والذي فاز بسلسلة انتخابات العام الماضي ولكنه عجز عن تشكيل تحالفات للتوصل إلى توافق أوسع.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير قبل قليل من صدور بيان الجيش "لا يزال كل من الطرفين متشبث بموقفه."
ولقي ثمانية أشخاص حتفهم في الاشتباكات حول مبنى مقر الإخوان مساء يوم الأحد حيث أطلق أشخاص داخل المبنى النار على شبان كانوا يقذفونهم بالحجارة والقنابل الحارقة. وقال مسؤول بجماعة الإخوان إن اثنين من أعضائها أصيبا. ولقي ثمانية أشخاص آخرين حتفهم وأصيب 731 آخرون في اشتباكات بأنحاء متفرقة من البلاد يوم الأحد.
وألقى مجهولون يوم الاثنين قنابل حارقة على مقر حزب الوسط المصري المعتدل المتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين. ودعا الحزب في بيان إلى الحوار بين جميع الأطراف.
وقالت مصادر أمنية إن قوات الأمن المصرية ألقت القبض يوم الاثنين على 15 من حراس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بعد تبادل لإطلاق النار معهم خارج منزله. وذكرت المصادر أنه يشتبه في حيازة الحراس لأسلحة نارية غير مرخصة استخدمت في إطلاق النار الذي وقع عند المقر الرئيسي للجماعة.
ونفى حزب الحرية والعدالة نبأ اعتقال الحراس مكتفيا بالقول إن سائق الشاطر تعرض للاختطاف.
وقال جهاد الحداد المتحدث باسم الإخوان المسلمين في تصريحات لرويترز إن المهاجمين تخطوا خطا أحمر وإن الجماعة قد تشكل "لجانا للدفاع عن النفس". وأضاف "الناس لن تظل صامتة."
وشكت الجماعة من عدم توفير حماية لمقارها من جانب الشرطة وهو ما يمكن أن يعمق لديها شعورا بأنها محاصرة بين المعارضة الليبرالية من ناحية وبين الروتين الحكومي الموروث من النظام القديم من ناحية أخرى.
وأعلن منظمو الاحتجاجات سقوط شرعية مرسي أمام مظاهرات يوم الأحد الحاشدة وعبروا عن أملهم في بقاء الناس في الشوارع حتى رحيل مرسي.
أما مرسي الذي لم يظهر علنا فجدد عرض الحوار من خلال حلفاء له ووعد بالعمل مع برلمان جديد يمكن انتخابه إذا أمكن تسوية الخلافات حول قواعد الانتخاب. غير أنه لم يقدم حتى الآن أي تنازلات جوهرية.
ولا تثق المعارضة في جماعة الإخوان التي يتهمها منتقدوها باستغلال انتصاراتها الانتخابية في احتكار السلطة. ويريد المعارضون تعديلا شاملا لقواعد المنظومة الديمقراطية التي لم يجر صياغتها على نحو سليم على مدى العامين الماضيين.
وأظهرت الاحتجاجات الحاشدة أن جماعة الإخوان المسلمين لم تثر غضب الليبراليين والعلمانيين وحسب وإنما أغضبت أيضا ملايين المواطنين العاديين لسوء إدارة الاقتصاد.
وتقلصت عائدات السياحة والاستثمارات الأجنبية بشدة وأفلت زمام التضخم وشح البنزين والسولار ويتكرر انقطاع الكهرباء.
وزادت تكلفة التأمين على ديون الحكومة المصرية من التخلف عن السداد لمستويات قياسية. وأشارت التعاقدات الآجلة إلى انخفاض كبير في قيمة الجنيه مقابل الدولار.
وسار ضباط شرطة بالزي الرسمي وسط المتظاهرين في القاهرة والإسكندرية مرددين "الشعب والشرطة ايد واحدة" واعتلى ضباط منصة في التحرير وتحدثوا إلى الحشود.
وألقى ذلك - إلى جانب عدم حماية الشرطة لمقار الإخوان - بالشك في إمكانية اعتماد مرسي على قوات الأمن في فض المظاهرات إن هو طلب منها ذلك.
وحثت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مرسي على مشاركة المعارضة في الحكم قائلين إن التوافق الوطني وحده هو الذي يمكن أن يساعد مصر على التغلب على أزمة اقتصادية حادة وبناء مؤسسات ديمقراطية.
وجدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما دعوة لمرسي ومنافسيه للتعاون في وقت واكب إلقاء بيان السيسي.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) التي تقدم للجيش المصري مساعدات كبيرة إنها لا يمكنها التكهن بما سيحدث في مصر.
(شارك في التغطية أسماء الشريف وألكسندر جاديش وشيماء فايد وماجي فيك وألستير ماكدونالد وشادية نصر الله وتوم بيري وياسمين صالح وبول تيلور وباتريك وير - إعداد عبد المنعم درار للنشرة العربية - تحرير عماد عمر)
من ياسمين صالح وماجي فيك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق